الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة في افتتاح الدورة الرّابعة لملتقى مخرجي الأفلام: تحية وفاء لقامتين في السينما التونسية: الطاهر شريعة وأحمد بهاء الدين عطيّة

نشر في  24 فيفري 2015  (14:44)

افتتحت الدّورة الرابعة لملتقى مخرجي الأفلام يوم الاربعاء 18 فيفري بعرض فيلمين وثائقيين سلطا الضوء على قامتين في السينما التونسية أوّلهما الطاهر شريعة مؤسس أيام قرطاج السينمائيّة وجامعة نوادي السينما وثانيهما المنتج أحمد بهاء الدين عطيّة الذي صنع ربيع الفيلم التونسي بإنتاج عدة أفلام على غرار «حلفاوين» و«ريح السد» و«صمت القصور» وغيرها.

أبرز الفيلم الأول «في ظلّ الباوباب» للمخرج محمد شلّوف البعد النضالي للطاهر شريعة (1927-2010) الذي آمن بدور السينما في تحرير الشعوب من الإستعمار وعمل على لمّ شمل المخرجين الأفارقة في أوّل تظاهرة سينمائيّة تعرفها القارّة السمراء والعالم العربي وهي أيام قرطاج السينمائيّة سنة 1966.

مسيرة تحديات

وبفضل حسّه الانساني والفنّي، ربط شريعة علاقات مع ابرز المخرجين الأفارقة على غرار توفيق صالح وعنايات الأبنودي من مصر وعصمان سمبان من السينغال ومواطنه جبريل ديوب ممبتي وغيرهم كثيرون.

وكشف الفيلم الدور الذي لعبه الطاهر شريعة في الضغط على وزير الثقافة آنذاك الشاذلي القليبي (سنة 1963) كي يقرّر برمجة الأفلام التونسية في قاعات السينما التي كانت تسيطر عليها كبرى شركات الانتاج الأمريكيّة.

اثر ذلك زُجّ بالطاهر شريعة في السجن بتهمة التآمر على أمن الدولة، وهي تهمة زائفة وجهتها له بعض الأطراف التي لم تستسغ توجهاته اليساريّة.

ولأنّ حلم الطاهر شريعة يتجاوز العقليات الصغيرة والمريضة، فقد واصل نضاله مع رفيق دربه السينمائي عصمان سمبان لتحرير قاعات السينما الافريقيّة من القيود التي ضربتها كبرى الشركات السينمائيّة والى فرض توزيع الانتاجات المحلية في القاعات.

وقد قدّم محمد شلوف في فيلمه عدة شهادات تونسيّة وعربية وأخرى افريقيّة أكدت الدور الريادي الذي لعبه الطاهر شريعة في «صنع» سينما افريقيّة متضامنة وفعّالة ومتحرّرة.

ينتهي الفيلم بمشهد يظهر فيه الطاهر شريعة في خريف العمر ليعبّر عن خيبته من الدولة التي لم تؤمن بدور الثقافة في تنمية الشعوب وهو النضال الذي انخرط فيه طيلة حياته.

أحمد بهاء الدين عطية المغامر

أمّا الفيلم الثاني فخصّصه المخرج خالد البرصاوي للمنتج التونسي أحمد بهاء الدين عطية (1945 ـ 2007) ويحمل عنوان «بهلوان دون شبكة» في إشارة الى روح المغامرة التي كانت تسكن واحدا من أبرز المنتجين الذين عرفتهم الساحة التونسية والافريقيّة والعربيّة، ففضلا عن التونسيين انتج عطيّة لمخرجين من جنسيات مختلفة على غرار السوري محمد ملص والفلسطيني رشيد مشهراوي وغيرهما.

ومثل الطاهر شريعة، كانت توجهات أحمد بهاء الدين عطية يسارية حيث نشط في صفوف الحزب الشيوعي التونسي، قبل ان تنطلق مسيرته السينمائية بانتاج عدة أفلام.

وجاء فيلم البرصاوي محمّلا بشهادات مختلفة نذكر منها ما جاء على لسان الفنان رجاء فرحات الذي قال إنّ «حميد» كما كان يحلو للمقرّبين منه تسميته «حقق معجزات الأفلام التونسية الأولى» مع بوزيد والتلاتلي وبوغدير. وقد بلغ عدد المشاهدين الذين تابعوا فيلم «حلفاوين» مليون مشاهد وهو رقم قياسي حقّقته السينما التونسية.

ومن الغرائب انّ شركة كارطاقو للانتاج لصاحبها طارق بن عمّار كانت رفضت انتاج «ريح السد» للنوري بوزيد، فقرّر عطية ان ينتجه وتحصل الفيلم على التانيت الذهبي في الدورة الحادية عشرة لأيّام قرطاج السينمائيّة سنة 1986.. وهي بعض من النجاحات التي حقّقها أحمد بهاء الدين عطية الذي أعطى للسينما التونسية والعربيّة الكثير وكان يحلم بالمزيد لولا إرادة الأقدار.

ستظلّ أسماء الطاهر شريعة وأحمد بهاء الدين عطية وغيرهما من أبناء نوادي السينما الذين أعطوا للفنّ السابع منذ الستينات الكثير راسخة في الذاكرة فقد ساهموا في صنع سينما تونسيّة مميزة رغم كل العراقيل والصعوبات.

شيراز بن مراد